فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم قال: {وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً} يريد تمرة فما فوقها وعلاقة سوط فما فوقها ولا يقطعون واديًا، والوداي كل مفرج بين جبال وآكام يكون مسلكًا للسيل، والجمع الأودية إلا كتب الله لهم ذلك الإنفاق وذلك المسير.
ثم قال: {لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وفيه وجهان: الأول: أن الأحسن من صفة فعلهم، وفيها الواجب والمندوب والمباح والله تعالى يجزيهم على الأحسن، وهو الواجب والمندوب، دون المباح.
والثاني: أن الأحسن صفة للجزاء، أي يجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأجل وأفضل، وهو الثواب. اهـ.

.قال الجصاص:

قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ}
قَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وُجُوبَ الْخُرُوجِ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزَوَاتِهِ إلَّا الْمَعْذُورِينَ وَمَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُعُودِ وَلِذَلِكَ ذَمَّ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُعُودِ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} أَيْ يَطْلُبُونَ الْمَنْفَعَةَ بِتَوْقِيَةِ أَنْفُسِهِمْ دُونَ نَفْسِهِ، بَلْ كَانَ الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَبَذَلَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ لِيَقِيَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا} فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ وَطْءَ دِيَارِهِمْ بِمَنْزِلَةِ النَّيْلِ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَتْلُهُمْ، أَوْ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ إخْرَاجُهُمْ عَنْ دِيَارِهِمْ، هَذَا كُلُّهُ نَيْلٌ مِنْهُمْ، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَ وَطْءِ مَوْضِعٍ يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَبَيْنَ النَّيْلِ مِنْهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ دِيَارِهِمْ وَهُوَ الَّذِي يَغِيظُهُمْ وَيُدْخِلُ الذُّلَّ عَلَيْهِمْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَيْلِ الْغَنِيمَةِ، وَالْقَتْلِ، وَالْأَسْرِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْفَارِسُ وَالرَّاجِلُ مِنْ سِهَامِهِمَا بِدُخُولِ أَرْضِ الْحَرْبِ لِانْحِيَازِهِ الْغَنِيمَةَ، وَالْقِتَالَ؛ إذْ كَانَ الدُّخُولُ بِمَنْزِلَةِ حِيَازَةِ الْغَنَائِمِ وَقَتْلِهِمْ وَأَسْرِهِمْ، وَنَظِيرُهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} فَاقْتَضَى ذَلِكَ اعْتِبَارَ إيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا وُطِئَ قَوْمٌ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إلَّا ذَلُّوا». اهـ.

.قال السمرقندي:

{وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً} في الجهاد {صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً}، يعني: قليلًا ولا كثيرًا.
{وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا} من الأودية مقبلين إلى العدو أو مدبرين {إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ} يعني كتب لهم ثواب {لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يقول: ليجزيهم بأعمالهم؛ ويقال يجزيهم أحسن من أعمالهم، لأنه يعطي بحسنة واحدة عشرة، إلى سبعمائة، إلى ما لا يدرك حسابه، ويقال: ليجزيهم بأحسن أعمالهم ويصبر سائر أعمالهم فضلًا. اهـ.

.قال الثعلبي:

{وَلاَ يُنفِقُونَ} في سبيل الله: {نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً} ولو علاقة سوط {وَلاَ يَقْطَعُونَ} ولا يتجاوزون {وَادِيًا} في مسيرهم مقبلين أو مدبرين {إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ} يعني آثارهم وخطاهم {لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} لهم بالثواب ويدخلهم الجنة بغير حساب.
قال ابن عباس: أخبرنا أبو عمر الفراتي بقراءتي عليه أخبرنا أبو موسى أخبرنا مسدّد عن هارون ابن عبد الله الجمّال أخبرنا ابن أبي فديك عن الخليل بن عبد الله عن الحسين عن علي ابن أبي طالب وأبي الدرداء وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين كلهم يحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ومن أرسل نفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم، ومن غزا بنفسه وأنفق في وجه ذلك فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة ألف درهم» ثم تلا هذه الآية: {والله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} [البقرة: 261]. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله: {ولا ينفقون} الآية.
قدم الصغيرة للاهتمام أي إذا كتبت الصغيرة فالكبيرة أحرى، والوادي ما بين جبلين كان فيه ماء أو لم يكن، وجمعه أودية، وليس في كلام العرب فاعل وأفعلة إلا في هذا الحرف وحده، وفي الحديث: «ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعدًا إلا ازدادوا من الله قربًا». اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {ولا ينفقون} يعني في سبيل الله: {نفقة صغيرة ولا كبيرة} يعني تمرة فما دونها أو أكثر منها حتى علاقة سوط {ولا يقطعون واديًا} يعني ولا يجاوزون في مسيرهم واديًا مقبلين أو مدبرين فيه {إلا كتب لهم} يعني كتب الله لهم آثارهم وخطاهم ونفقاتهم {ليجزيهم الله} يعني يجازيهم {أحسن ما كانوا يعملون} قال الواحدي: معناه بأحسن ما كانوا يعملون.
وقال الإمام فخر الدين الرازي: فيه وجهان: الأول: أن الأحسن من صفة أفعالهم وفيها الواجب والمندوب والمباح فالله سبحانه وتعالى يجزيهم على الأحسن وهو الواجب والمندوب دون المباح.
والثاني: أن الأحسن صفة للجزاء أي يجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأجل وأفضل وهو الثواب وفي الآية دليل على فضل الجهاد وأنه من أحسن أعمال العباد.
(ق) عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» وفي رواية «وما فيها».
(ق) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهادًا في سبيلي وإيمانًا بي وتصديقًا برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلًا ما نال من أجر أو غيمة والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون دم وريحه ريح مسك والذي نفسه محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدًا ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو فأقتل في سبيل الله ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل» لفظ مسلم وللبخاري بمعناه.
(ق) عن أبي سعيد الخدري قال: «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي الناس أفضل قال مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال ثم من قال ثم رجل في شعب من الشعاب يعبد الله» وفي رواية «يتقي الله ويدع الناس من شره».
(خ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة» يعني حسنات.
(خ) عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار».
(م) عن أبي مسعود الأنصاري البدري قال: «جاء رجل بناقة مخطومة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة» عن خريم بن فاتك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق نفقة في سبيل الله كتب الله له سبعمائة ضعف» أخرجه الترمذي والنسائي. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً} ولو تمرةً أو علاقةَ سَوْط {وَلاَ كَبِيرَةً} كما أنفق عثمانُ رضى الله عنه والترتيب باعتبار ما ذُكر من كثرة الوقوعِ وقلته وتوسيطُ لا للتنصيص على استبداد كلَ منهما بالكتْب والجزاءِ لا لتأكيد النفي كما في قوله عز وجل: {وَلاَ يَقْطَعُونَ} أي لا يجتازون في مسيرهم {وَادِيًا} وهو في الأصل كلُّ منفرَجٍ من الجبال والآكامِ يكون منفذًا للسيل، اسمُ فاعلٍ من ودَى إذا سال ثم شاع في الأرض على الإطلاق {إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ} ذلك الذي فعلوه من الإنفاق والقطع {لِيَجْزِيَهُمُ الله} بذلك {أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أحسنَ جزاءِ أعمالِهم أو جزاءَ أحسنِ أعمالِهم. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً} ولو تمرة أو علاقة سوط {وَلاَ كَبِيرَةً} كما أنفق عثمان رضي الله تعالى عنه في جيش العسرة، وذكر الكبيرة بعد الصغيرة وان علم من الثواب على الأولى الثواب على الثانية لأن المقصود التعميم لا خصوص المذكور إذ المعنى ولا ينفقون شيئًا ما فلا يتوهم أن الظاهر العكس، وفي أرشاد العقل السليم أن الترتيب باعتبار كثرة الوقوع وقلته، وتوسيط {لا} للتنصيص على استبداد كل منهما بالكتب والجزاء لا لتأكيد النفي كما في قوله تعالى شأنه: {وَلاَ يَقْطَعُونَ} أي ولا يتجاوزون في سيرهم لغزو {وَادِيًا} وهو في الأصل اسم فاعل من ودي إذا سال فهو بمعنى السيل نفسه ثم شاع في محله وهو المنعرج من الجبال والآكام التي يسيل فيها الماء ثم صار حقيقة في مطلق الأرض ويجمع على أودية كناد على أندية وناج على أنجية ولا رابع لهذه على ما قيل في كلام العرب {إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ} أي أثبت لهم أو كتب في الصحف أو اللوح ولا يفسر الكتب بالاستحقاق لمكان التعليل بعد، وضمير {كتاب} على طرز ما سبق أي المذكور أو كل واحد، وقيل: هو للمعل وليس بذاك وفصل هذا وأخر لأنه أهون مما قبله {لِيَجْزِيَهُمُ الله} بذلك {أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي أحسن جزاء أعمالهم على معنى أن لأعمالهم جزاء حسنًا وأحسن وهو سبحانه اختار لهم أحسن جزاء فانتصاب {أَحْسَنُ} على المصدرية لإضافته إلى مصدر محذوف.
وقال الإمام: فيه وجهان: الأول أن الأحسن صفة عملهم وفيه الواجب والمندوب والمباح فهو يجزيهم على الأولين دون الأخير، والظاهر أن نصب {أَحْسَنُ} حينئذ على أنه بدل اشتمال من ضمير يجزيهم كما قيل.
وأورد عليه أنه ناء عن المقام مع قلة فائدته لأن حاصله أنه تعالى يجزيهم على الواجب والمندوب وأن ما ذكر منه ولا يخفى ركاكته وأنه غير خفي على أحد كونه كناية عن العفو عما فرط منهم في خلاله أن وقع لأن تحصيص الجزاء به يشعر بأنه لا يجازي على غيره خلاف الظاهر، ثم قال: الثاني أن الأحسن صفة للجزاء أي ليجزيهم جزاء هو أحسن من أعمالهم وأفضل وهو الثواب.
واعترضه أبو حيان بأنه إذا كان الأحسن صفة الجزاء كيف يضاف إلى الأعمال وليس بعضًا منها وكيف يفضل عليهم بدون من، ولا وجه لدفعه بأن أصله مما كانوا إلخ فحذف {مِنْ} مع بقاء المعنى على حاله كما قيل لأنه لا محصل له.
هذا ووصف النفقة بالصغيرة والكبيرة دون القليلة والكثيرة مع أن المراد ذلك قيل حملًا للطاعة على المعصية فإنها إنما توصف بالصغيرة والكبيرة في كلامهم دون القليلة والكثيرة فتأمل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} عطف على جملة {لا يصيبهم ظمأ}، وهو انتقال من عداد الكُلف التي تصدر عنهم بلا قصد في سبيل الله إلى بعض الكلف التي لا تخلو عن استشعار من تحِل بهم بأنهم لقُوها في سبيل الله، فالنفقة في سبيل الله لا تكون إلا عن قصد يتذكر به المنفق أنه يسعى إلى ما هو وسيلة لِنصر الدين، والنفقةُ الكبيرة أدخل في القصد، فلذلك نبه عليها وعلى النفقة الصغيرة ليعلم بذكر الكبيرة حكم النفقة الصغيرة لأن العلة في الكبيرة أظهر وكان هذا الإطناب في عد مناقبهم في الغزو لتصوير ما بذلوه في سبيل الله.
وقطع الوادي: هو اجتيازه.
وحقيقة القطع: تفريق أجزاء الجسم.
وأطلق على الاجْتياز على وجه الاستعارة.
والوادي: المنفرج يكون بين جبال أو إكام فيكون منفذًا لسيول المياه، ولذلك اشتق من ودى بمعنى سال.
وقطع الوادي أثناءَ السير من شأنه أن يتذكر السائرون بسببه أنهم سائرون إلى غرض مَّا لأنه يجدد حالة في السير لم تكن من قبل.
ومن أجل ذلك نُدب الحجيجُ إلى تجديد التلبية عندما يصعدون شرفًا أو ينزلون واديًا أو يلاقون رفاقًا.
والضمير في {كُتب} عائد إلى {عمل صالح} [التوبة: 120].
ولام التعليل متعلقة بـ {كتب}، أي كتب الله لهم صالحًا ليجزيهم عن أحسن أعمالهم.
ولما كان هذا جزاء عن عملهم المذكور علم أن عملهم هذا من أحسن أعمالهم.
وانتصب {أحسنَ} على نزع الخافض، أي عن أحسننِ ما كانوا يعملون أو بأحسن ما كانوا يعملون كقوله تعالى: {ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدَهم من فضله} [النور: 38] وأما قوله: {ليجزيك أجر ما سقيت لنا} [القصص: 25] فالظاهر أنه من غير هذا القبيل وأن {أجر} مفعول مطلق.
وفي ذكر {كانوا} والإتيان بخبرها مضارعًا إفادةُ أن مثل هذا العمل كان ديدنهم. اهـ.